سورة الإسراء - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


{قال} موسى {لقد علمت} خطاباً لفرعون. قال ابن عباس: علمه فرعون ولكنه عانده {ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض} يعني الآيات التسع {بصائر} أي بينات يبصر بها {وإني لأظنك يا فرعون مثبوراً} قال ابن عباس: ملعوناً. وقيل: هالكاً. وقيل: مصروفاً عن الخير {فأراد أن يستفزهم من الأرض} معناه أراد فرعن أن يخرج موسى وبين إسرائيل من أرض مصر {فأغرقناه ومن معه جميعاً} أي أغرقنا فرعون وجنوده ونجينا موسى وقومه {وقلنا من بعده} أي من بعد هلاك فرعون {لنبي إسرائيل اسكنوا الأرض} يعني أرض مصر والشام {فإذا جاء وعد الآخرة} يعني القيامة {جئنا بكم لفيفاً} أي جميعاً إلى موقف القيامة، واللفيف: الجمع الكثير إذا كانوا مختلفين من كل نوع فيهم المؤمن والكافر والبر والفاجر وقيل: أراد بوعد الآخرة نزول عيسى من السماء.


قوله سبحانه وتعالى: {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل} يعني أنا ما أردنا بإنزال القرآن إلا تقريره للحق فلما أردنا هذا المعنى فكذلك وقع وحصل. وقيل: معناه وما أنزلنا القرآن إلا بالحق المقتضي لإنزاله وما نزل إلا ملتبساً بالحق لاشتماله على الهداية إلى كل خير {وما أرسلناك إلا مبشراً} يعني بالجنة للمطيعين {ونذيراً} أي مخوفاً بالنار للعاصين. قوله عز وجل: {وقرآناً فرقناه} أي فصلناه وبيناه وقيل فرقنا به بين الحق الباطل، وقيل: معناه أنزلنا نجوماً لم ينزل مرة واحدة بدليل قوله تعالى: {لتقرأه على الناس على مكث} أي على تؤده وترسل في ثلاث وعشرين سنة {ونزلناه تنزيلاً} أي على حسب الحوادث {قل آمنوا به أو لا تؤمنوا} فيه وعيد وتهديد {إن الذين أوتوا العلم من قبله} قيل: هم مؤمنوا أهل الكتاب الذين كانوا يطلبون الدين قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أسلموا بعد مبعثه مثل زيد بن عمرو بن نفيل وسلمان الفارسي وأبي ذر وغيرهم {إذا يتلى عليهم} يعني القرآن {يخرون للأذقان} قال ابن عباس: أراد بها الوجوه {سجداً} أي يقعون على الوجوه سجداً {ويقولون سبحان ربنا} أي تعظيماً لربنا لإنجازه ما وعد في الكتب المنزلة، من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم {إن كان وعد ربنا لمفعولاً} أي كائناً واقعاً {ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً} أي خضوعاً لربهم وقيل يزيدهم القرآن لين قلب، ورطوبة عين فالبكاء مستحب عند قراءة القرآن. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا اجتمع على عبد ي غبار في سبيل الله ودخان جنهم» أخرجه الترمذي والنسائي. وزاد النسائي «في منخري مسلم أبداً» الولوج الدخول والمنخر الأنف عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله يقول: «عينان لا تسمهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله» أخرجه الترمذي.


قوله عز وجل: {قل ادعو الله أو ادعوا الرحمن} قال ابن عباس: سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فجعل يقول في سجوده: يا الله يا رحمن فقال أبو جهل: إن محمداً ينهانا عن آلهتنا وهو يدعو إلهين فأنزل الله هذه الآية ومعناه أنهما اسمان لله تعالى فسموه بهذا الاسم أو بهذا الاسم {أيّاً ما تدعوا} ما صلة ومعناه أي هذين الاسمين سميتم وذكرتم، أو من جميع أسمائه {فله الأسماء الحسنى} يعني إذا حسنت أسماؤه كلها فهذان الاسمان منها ومعنى كونها حسنى أنها مشتملة على معاني التقديس، والتعظيم والتمجيد {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}.
(ق) عن ابن عباس في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة وكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه سلم: ولا تجهر بصلاتك أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن، ولا تخافت بها عن أصحابك فلا تسمعهم وابتغ بين ذلك سبيلاً زاد في رواية وابتغ بين ذلك سبيلاً أسمعهم، ولا تجهر حتى يأخذوا عنك القرآن وقيل نزلت الآية في الدعاء وهو قول عائشة والنخعي ومجاهد ومكحول.
(ق) عن عائشة «ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها» قالت: نزل ذلك في الدعاء. وقيل: كان أعراب من بني تميم إذا سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: اللهم ارزقنا مالاً وولداً يجهرون بذلك فأنزل الله عز وجل «ولا تجهر بصلاتك أي لا ترفع صوتك بقراءتك ودعائك ولا تخافت بها» المخافتة خفض الصوت، والسكوت {وابتغ} أي اطلب {بين ذلك سبيلاً} أي طريقاً وسطاً بين الجهر والاخفاء. عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: «مررت بك وأنت تقرأ القرآن وأنت تخفض من صوتك فقال إني أسمعت من ناجيت فقال ارفع قليلاً وقال لعمر مررت بك، وأنت تقرأ وأنت ترفع من صوتك فقال إني أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان فقال: أخفض قليلاً» أخرجه الترمذي {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يحمده على وحدانيته. وقيل: معناه الحمد لله الذي عرفني أنه لم يتخذ ولداً وقيل إن كل من له ولد فهو يمسك جميع النعم لولده وإذا لم يكن له ولد أفاض نعمه على عبيده. وقيل: إن الولد يقوم مقام والده بعد انقضائه والله عز وجل يتعالى عن جميع النقائص فهو المستحق لجميع المحامد {ولم يكن له شريك في الملك} والسبب في اعتبار هذه الصفة أنه لو كان له شريك، لم يكن مستحقاً للحمد والشكر وكذا قوله: {ولم يكن له ولي من الذل} ومعناه أنه لم يذل فيحتاج إلى ناصر يتعزز به {وكبره تكبيراً} أي وعظمه عن أن يكون له ولد أو شريك أو ولي.
وقيل: إذا كان منزهاً عن الولد والشريك والولي كان مستوجباً لجميع أنواع المحامد. عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول ما يدعى إلى الجنة يوم القيامة، الذين يحمدون الله في السراء والضراء» عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحمد لله رأس الشكر ما شكر الله عبد لا يحمده» عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الدعاء الحمد لله وأفضل الذكر لا إله إلا الله» أخرجه الترمذي. وقال حديث حسن غريب عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أحب الكلام إلى الله لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله لا يضرك بأيهن بدأت» أخرجه مسلم. والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7